4- مفرق طرق :
لقد كُتب التاريخ وكُتبت السير ، واليوم نحن في مفرق طرق
نعم مفرق طرق أي السير نبعث للوجود وللحياة وكيف نبعثها للوجود وللحياة ،
فمن الأخطاء التي سارت في الطريق كعلامة منذ زمن بعيد هي طريقة تناولنا للتاريخ وللسيرة
فمن كتب التاريخ وكتب السير له من الأسباب ماله فيما كتب وكيف كتب ، ولنا وحدنا الخيار ماذا نختار من تاريخنا لنبعثه شاهداً حياً لنعيد لأمتنا سابق مجدها بل أشد
والخطأ الذي سار عليه أسلافنا هي تناول التراجم والسير والتاريخ تناولاً أرشيفياً يروون كل ما قيل ولا يجدون غضاضة في سرد حكايات وكتابتها لو مررنها علي كل القواعد ما صحت وما صلحت ، ولكنهم كانوا غير عابئين بذلك ، بل كان لهم من الثقة ما يجعلهم يدونون ذلك
واليوم لا يصح ولا يصلح أن نروي السير والتاريخ كما كتبوا ، بل علينا أن نحقق ونمحص ونختار من تاريخنا مايعيننا علي النهضة والتقدم والرقي
كلامي هنا ليس خاصاً بالسيرة النبوية العطرة بل بسير كل السابقين من صحابة وعلماء ومجاهدين ومجددين
أذكر من أكثر من 10 سنوات أحضرت كتاب عبقرية خالد بن الوليد للعقاد بعدما درست عبقرية عمر في المرحلة الثانوية فأعجبتني ، فراعني ما فعله العقاد وهو يبدأ في نسج قصة خالد علي نفس المنوال
نعم ينسج العقاد علي منوال أن خالد وعمر و... إنما هم أبطال نسبا وأصلا طبيعة وعرقا و...
نعم يأتي بأفعالهم الحميدة المجيدة ولكن بعدما يترك النفس في وساوسها بأنهم خُلقوا أبطالاً لم يُصنعوا
والحقيقة التي لاريب فيها أن البطولة تصنع صنعا ولا مجال فيها لمجد الأباء والاجداد
حتي من ولد لأب له من المفاخر والبطولة ماله لا يكتفي بذلك حتي يربي ابنه علي الصعاب، يرميه في الوديان تربيه الأسود والوحوش الكاسرة ، وتشد من عزمه الشدائد
وهذا ما حدا حسين مؤنس يصف حالنا بقوله "قافلة خرجت تقصد الغد فضاعت في رمال الماضي " في كتابه دستور أمة الاسلام وهو كتاب رائع سنقف معه في أروع ما قرأت إن شاء الله وله أيضاً كتاب آخر رائع اسمه تنقية أصول التاريخ الإسلامي ، وحسين مؤنس وإن كان شديد اللهجة علي بعض المؤرخين الكبار القدامي فنلتمس له عذر ونلتمس للقدامي من علماءنا ومؤرخينا عذر ولا نلتمس أي عذر لمن ينقل الآن من كتب التاريخ بلا فهم ولافقه من دعاة اليوم أو علماءنا
فهؤلاء الذي قال فيهم حسين مؤنس قافلة خرجت تقصد الغد فضاعت في رمال الماضي
0 Response to "4- مفرق طرق"
إرسال تعليق