26- الدبلوماسية المفقودة

26- الدبلوماسية المفقودة




في فتح مكة حين مرت بأبي سفيان  كتائب المجاهدين الفاتحين، وحين طَلَعَتْ كَتِيبَةُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْخَضْرَاء فِيهَا الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ ، فِيهَا الرّايَاتُ وَالْأَلْوِيَةُ مَعَ كُلّ بَطْنٍ مِنْ الْأَنْصَارِ رَايَةٌ وَلِوَاءٌ فِي الْحَدِيدِ لَا يُرَى مِنْهُمْ إلّا الْحَدَقُ. 

وَأَعْطَى رَسُولُ اللّهِ صلي الله عليه وسلم رَايَتَهُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ وَهُوَ أَمَامَ الْكَتِيبَةِ ، فَلَمّا مَرّ سَعْدٌ بِرَايَةِ النّبِيّ صلي الله عليه وسلم نَادَى : يَا أَبَا سُفْيَانَ، الْيَوْمَ يَوْمُ الْمَلْحَمَةِ الْيَوْمَ تُسْتَحَلّ الْحُرْمَةُ، الْيَوْمَ أَذَلّ اللّهُ قُرَيْشًا. 

فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللّهِ صلي الله عليه وسلم حَتّى إذَا حَاذَى أَبَا سُفْيَانَ نَادَاهُ: يَا رَسُولَ اللّهِ أُمِرْت بِقَتْلِ قَوْمِك؟ زَعَمَ سَعْدٌ وَمَنْ مَعَهُ حِينَ مَرّ بِنَا قَالَ: «يَا أَبَا سُفْيَانَ الْيَوْمَ يَوْمُ الْمَلْحَمَةِ الْيَوْمَ تُسْتَحَلّ الْحُرْمَةُ الْيَوْمَ أَذَلّ اللّهُ قُرَيْشًا» وَإِنّي أَنْشُدُك اللّهَ فِي قَوْمِك ، فَأَنْتَ أَبَرّ النّاسِ وَأَرْحَمُ النّاسِ وَأَوْصَلُ النّاسِ .

قَالَ عَبْدُ الرّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَعُثْمَانُ بْنُ عَفّانَ: يَا رَسُولَ اللّهِ مَا نَأْمَنُ سَعْدًا أَنْ يَكُونَ مِنْهُ فِي قُرَيْشٍ صَوْلَةٌ . 
فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلي الله عليه وسلم: «الْيَوْمَ يَوْمُ الْمَرْحَمَةِ، الْيَوْمَ أَعَزّ اللّهُ فِيهِ قُرَيْشًا» 
قَالَ: وَأَرْسَلَ رَسُولُ اللّهِ صلي الله عليه وسلم إلَى سَعْدٍ، فَعَزَلَهُ وَجَعَلَ اللّوَاءَ إلَى قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ ، وَرَأَى رَسُولُ اللّهِ صلي الله عليه وسلم أَنّ اللّوَاءَ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ سَعْدٍ حِينَ صَارَ لِابْنِهِ .

 فَأَبَى سَعْدٌ أَنْ يُسَلّمَ اللّوَاءَ إلّا بِأَمَارَةِ مِنْ النّبِيّ صلي الله عليه وسلم، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللّهِ صلي الله عليه وسلم بِعِمَامَتِهِ فَعَرَفَهَا سَعْدٌ فَدَفَعَ اللّوَاءَ إلَى ابْنِهِ قَيْسٍ. 

هنا  كثير من  الفوائد والعبر والعظات 
ولكني اود الحديث فقط عن الدبلوماسية التي كان يتمتع بها صلي الله عليه وسلم 
وتتجلي في نزع الراية من سعد ثم إعطائها لابنه فسكنت نفس أبا سفيان 
ولم تتغير نفس سعد بن عبادة رضي الله عنهم
الدبلوماسية هي شئ مفقود تماما في عالمنا اليوم أعني عالم المنتسبين إلي الإسلام 
فنرفع شعار الحق أحق أن يتبع بصورة جوفاء ندمر به أكثر مما نصلح ظنا منا اننا نقول الحق والحقيقة وفي الحقيقة لقد أبدينا من أنفسنا بعض خللها وعيوبها 
صلي الله عليه وسلم ماكان أفقه بنفوس الناس 

25- فقه القيادة


25- فقه القيادة

اللهم صل علي محمد النبي الأمي وعلي آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلي يوم الدين

حديث مرفوع) حَدِيثٌ : " اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلامَ بِأَحَبِّ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ إِلَيْكَ ، بِأَبِي جَهْلٍ أَوْ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ " ، أحمد في مسنده

كان النبي محمد صلي الله عليه وسلم يبحث عن النخب التي تحمل هم هذا الدين ومن ثاقب نظره وجد أن إسلام أحد الرجلين

( عمر بن الخطاب أو أبي جهل ) سوف يغير موازين القوي ويعمل علي إنتقال الدعوة إلي الإسلام إلي مرحلة أخري 
لذا دعا  ربه بأن يهديإلي الإسلام  أحبهما إلي الله 
هذا كان حال النبي الرسول خير خلق الله صلي الله عليه وسلم 
اما اليوم فحال قادتنا وزعمائنا هي البحث عن وسيلة للتخلص من النخب 
فكل من بذ في مسألة أو باب أو طريقة أو أسلوب أو منحي من  المناحي 
تجد القيادة تجهل من رأيه تارة وتسفه منه أخري 
بكل الطرق الممكنه تحاول غمط الرجل وسلبه ما أتاه الله 
لذا نتخبط  وننتقل من سئ إلي أسوأ 
وهذا من قلة الفقه في فن القيادة وسنن التغيير 
الأمر يحتاج إلي صدق الصادقين وعزيمة الشجعان وجهد شاق ووقت 
ومن يقف في قمة سلم القيادة إن لم يساعد فهو عبء ومعوق لعملية التغيير
ومن فقه القيادة إذا انتهت صلاحيتك فمرر الراية 
ولكن اعلم أنها مسؤلية كبيرة 
سواء احتفظت بالراية وانت غير قادر علي حملها 
أو مررتها إلي غير مؤهل 
اللهم صلي علي النبي محمد وعلي آله وصحبه أجمعين كان فقيها بموازين الرجال ناصحا للأمة 

24 - فتح مكة

فتح مكة 

الآن في خضم الأحداث الجسام التي تغلي في أوطاننا أعود وانظر الي فتح مكة هل ممكن أن تفتح بحرب ؟ نعم ولكن رسول الله صل الله عليه وسلم رغب رغبة شديدة أن تفتح بلا دماء بل قال بعد الفتح إذهبوا فأنتم الطلقاء لقوم آذوه وعذبوه هو وطائفة من المؤمنين معه قبل الهجرة .
تلك هي النقطة التي تكبل كثير من التيارات الاسلامية في معاركها التغييريه التي يخوضونها بالبيان وينتظرون منها فتحا كفتح مكة بلا دماء 
والسؤال هو هل سيتحقق هذا ؟
التاريخ يقول ...
علينا إذا أن ننظر في التاريخ 

نفتقدك يا ابن الخطاب ...أين أنت يا عمر؟

نفتقدك يا ابن الخطاب ...أين أنت يا عمر؟

في صدر الاسلام 
كانت هناك دعوة 
من النبي محمد صل الله عليه وسلم
لأحد العمرين 
أن يعز الله به الاسلام
 فكانت من نصيب عمر بن الخطاب رضي الله عنه 
فأسلم عمر ومنذ إسلامه ولقد تحولت الدعوة الاسلامية إلي الجهر بدل السر والعز بدل المهانة  وخرج المسلمون في صفين علي أحدهما عمر وعلي الآخر حمزة رضي الله عنهما

اليوم نفتقد هذه الدعوة ونفتقد عمر 
اليوم نحتاج إلي من يعز الله به الاسلام والمسلمين نحتاج إلي مثل عمر
 رجل يحمل سيفه يدافع به عن دينه لا تأخذه في الله لومة لائم  
رجل يحمل الناس علي الحق حملا 
رجل يقود الناس إلي نصر مبين وعز وتمكين 
رجل تخافه الشياطين فمابالكم بمن دون ذلك من منافقين وكفرة وفاسقين
رجل مثل عمر
الان نحتاج إلي رجل مثل عمر
اللهم اعز الاسلام والمسلمين برجل مثل عمر
اللهم اعز الاسلام والمسلمين برجل مثل عمر

ما قال لي أفّ قط



عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مِن أحسن الناس خُلُقاً ، فأرسلني يوماً لحاجة ، فقلت :

والله لا أذهب ، وفي نفسي أن أذهب لِـما أمرنـي به نبي الله صلى الله عليه وسلم ، فخرجت حتى أمُـرَّ على صبيان ، وهم يلعبون في السوق ، فإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم ، بقفاي مِن ورائي ، فنظرت إليه وهو يضحك .

الرسول صلى الله عليه وسلم : يا أُنَيس ذهبتَ حيثُ أمرتُك ؟ .

أنس بن مالك : أنا أذهب يا رسول الله .

قال أنس : والله لقد خدمته تسع سنين ما علِمْتُه قال لشيء صنعتُه : لمَ فعلتَ كذا وكذا ؟ ولا عاب عليّ شيئاً قط ، والله ما قال لي أفّ قط . « رواه مسلم »

ماذا تحمل داخل صدرك ؟

ماذا تحمل داخل صدرك ؟
أقول لك ....


عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : كَانَ غُلَامٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَرِضَ ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُهُ ، فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَ لَهُ ( أَسْلِمْ ) فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ ، فَقَالَ لَهُ : أَطِعْ أَبَا الْقَاسِمِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَأَسْلَمَ ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ : ( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنْ النَّارِ ) .
رواه البخاري ( 1290 ) .


كان النبي صلي الله عليه وسلم يحمل داخل صدره حب البشرية جميعا وبعث رحمة للعالمين
أخبروني بربكم أي فائدة وأي مصلحة تجنيها الدعوة الإسلامية من إسلام غلام يحتضر


لا.... لم ينظر الإسلام ولم ينظر النبي إلي مصلحة الدعوة بل كان ينظر ويهتم لمصلحة العالمين
هذا هو دينكم وهكذا كان نبيكم
إذن عليك أن تحمل داخل صدرك

23- ما زاغ البصر وما طغي


23- ما زاغ البصر وما طغي

رحلة الإسراء والمعراج من الأحداث التي لو فكرنا نقف عندها نستقصي ما فيها من أحداث وعبر لزاد ما فيها من عبر وعظات وحكم أقصي تصوراتنا ، بل الحدث نفسه أعظم من إدراكاتنا المحدودة
فالله العزيز الجبار المتكبر المتعالي المالك الخالق المصور البر الرحيم التواب العليم أذن لرسوله محمد صلي الله عليه وسلم في الارتقاء إلي السموات العلي

ولكني أريد أن أٌقف عند هذه الأية " مازاغ البصر وما طغي " ماذا نفهم منها نعم هي جاءت مدح في الحبيب صلي الله عليه وسلم مدح لأدبه الذي أدبه ربه فأحسن تأديبه كما قال صلي الله عليه وسلم

ولكني أريد أن أُضيف وصف علي ماسبق ألا وهو أدبه مع ربه عز وجل أدبه مع الله ، وهذا هو بيت القصيد

فكثير منا ينسي نفسه ولا يتأدب مع الله ، فمن الأدب مع الله حفظ حدوده ، ومن الأدب مع الله معرفة قدر الله عز وجل ، ومن الأدب مع الله الاستسلام التام لحكمه والرضا بما شرعه ، إنما نحن عبيد الملك فمابالنا دائما ننسي ذلك

جاء رجل للرسول صلي الله عليه وسلم فقال له ماشاء الله وشئت فنهره صلي الله عليه وسلم وقال له أجعلتني لله نداً قل ماشاء الله وحده

هذا ما أتحدث عنه هذا هو الأدب مع الله

ومن الأدب مع الله عدم الحلف بغيره ، فمن حلف بالنبي أو الولي أو رحمة أمه أو أبوه فهذا لايليق بالأدب مع الله

ومن الأدب مع الله صرف كل العبادات من صلاة وصيام وصدقات وغيرها إليه وحده فلا يرائي بعبادته ولا يرائي بقوله أو فعله فإن هذا لا يليق بالأدب مع الله
فالتوحيد وهو إفراد الله بالعبودية هو الأدب مع الله

ومن الأمور المحزنة هي صرف ما لا يجوز إلا لله من دعاء ورجاء وخوف ونذر وحب ... إلي أحد من خلقه ، حتي ولو إلي النبي محمد صلي الله عليه وسلم
إنتبه كلنا يحب النبي محمد صلي لله عليه وسلم ولكن محبة الرسول مع عظمته مستمده من حب المُرسل وهو الله عز وجل فله الحب المطلق

فمن يقول مدد يارسول الله صلي الله عليه وسلم هذا رجل لا يتأدب مع الله عز وجل إذ ماذا يفعل له النبي محمد صلي الله عليه وسلم وقد مات فليقل مدد يالله
ألم يقل الرسول صلي الله عليه وسلم لابن عباس ياغلام إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعت أن ينفعوك بشيئ لم ينفعوك إلا بشئ قد كتبه الله لك

فمبالكم بمن يقول مدد يابدوي أو يادسوقي أو يا فلان أو ياعلان

فما تلاقيه البشرية من عناء وشقاء وبلاء ما هو إلا بسبب وحيد هو ترك الأدب مع الله

الأدب مع الله هو كنز قد فقدناه ومن وجده هنأ وسعد وارتاح في الدنيا والآخرة

" ما زاغ البصر وما طغي " الأدب مع الله