23- ما زاغ البصر وما طغي
رحلة الإسراء والمعراج من الأحداث التي لو فكرنا نقف عندها نستقصي ما فيها من أحداث وعبر لزاد ما فيها من عبر وعظات وحكم أقصي تصوراتنا ، بل الحدث نفسه أعظم من إدراكاتنا المحدودة
فالله العزيز الجبار المتكبر المتعالي المالك الخالق المصور البر الرحيم التواب العليم أذن لرسوله محمد صلي الله عليه وسلم في الارتقاء إلي السموات العلي
ولكني أريد أن أٌقف عند هذه الأية " مازاغ البصر وما طغي " ماذا نفهم منها نعم هي جاءت مدح في الحبيب صلي الله عليه وسلم مدح لأدبه الذي أدبه ربه فأحسن تأديبه كما قال صلي الله عليه وسلم
ولكني أريد أن أُضيف وصف علي ماسبق ألا وهو أدبه مع ربه عز وجل أدبه مع الله ، وهذا هو بيت القصيد
فكثير منا ينسي نفسه ولا يتأدب مع الله ، فمن الأدب مع الله حفظ حدوده ، ومن الأدب مع الله معرفة قدر الله عز وجل ، ومن الأدب مع الله الاستسلام التام لحكمه والرضا بما شرعه ، إنما نحن عبيد الملك فمابالنا دائما ننسي ذلك
جاء رجل للرسول صلي الله عليه وسلم فقال له ماشاء الله وشئت فنهره صلي الله عليه وسلم وقال له أجعلتني لله نداً قل ماشاء الله وحده
هذا ما أتحدث عنه هذا هو الأدب مع الله
ومن الأدب مع الله عدم الحلف بغيره ، فمن حلف بالنبي أو الولي أو رحمة أمه أو أبوه فهذا لايليق بالأدب مع الله
ومن الأدب مع الله صرف كل العبادات من صلاة وصيام وصدقات وغيرها إليه وحده فلا يرائي بعبادته ولا يرائي بقوله أو فعله فإن هذا لا يليق بالأدب مع الله
فالتوحيد وهو إفراد الله بالعبودية هو الأدب مع الله
ومن الأمور المحزنة هي صرف ما لا يجوز إلا لله من دعاء ورجاء وخوف ونذر وحب ... إلي أحد من خلقه ، حتي ولو إلي النبي محمد صلي الله عليه وسلم
إنتبه كلنا يحب النبي محمد صلي لله عليه وسلم ولكن محبة الرسول مع عظمته مستمده من حب المُرسل وهو الله عز وجل فله الحب المطلق
فمن يقول مدد يارسول الله صلي الله عليه وسلم هذا رجل لا يتأدب مع الله عز وجل إذ ماذا يفعل له النبي محمد صلي الله عليه وسلم وقد مات فليقل مدد يالله
ألم يقل الرسول صلي الله عليه وسلم لابن عباس ياغلام إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعت أن ينفعوك بشيئ لم ينفعوك إلا بشئ قد كتبه الله لك
فمبالكم بمن يقول مدد يابدوي أو يادسوقي أو يا فلان أو ياعلان
فما تلاقيه البشرية من عناء وشقاء وبلاء ما هو إلا بسبب وحيد هو ترك الأدب مع الله
الأدب مع الله هو كنز قد فقدناه ومن وجده هنأ وسعد وارتاح في الدنيا والآخرة
" ما زاغ البصر وما طغي " الأدب مع الله