23- ما زاغ البصر وما طغي


23- ما زاغ البصر وما طغي

رحلة الإسراء والمعراج من الأحداث التي لو فكرنا نقف عندها نستقصي ما فيها من أحداث وعبر لزاد ما فيها من عبر وعظات وحكم أقصي تصوراتنا ، بل الحدث نفسه أعظم من إدراكاتنا المحدودة
فالله العزيز الجبار المتكبر المتعالي المالك الخالق المصور البر الرحيم التواب العليم أذن لرسوله محمد صلي الله عليه وسلم في الارتقاء إلي السموات العلي

ولكني أريد أن أٌقف عند هذه الأية " مازاغ البصر وما طغي " ماذا نفهم منها نعم هي جاءت مدح في الحبيب صلي الله عليه وسلم مدح لأدبه الذي أدبه ربه فأحسن تأديبه كما قال صلي الله عليه وسلم

ولكني أريد أن أُضيف وصف علي ماسبق ألا وهو أدبه مع ربه عز وجل أدبه مع الله ، وهذا هو بيت القصيد

فكثير منا ينسي نفسه ولا يتأدب مع الله ، فمن الأدب مع الله حفظ حدوده ، ومن الأدب مع الله معرفة قدر الله عز وجل ، ومن الأدب مع الله الاستسلام التام لحكمه والرضا بما شرعه ، إنما نحن عبيد الملك فمابالنا دائما ننسي ذلك

جاء رجل للرسول صلي الله عليه وسلم فقال له ماشاء الله وشئت فنهره صلي الله عليه وسلم وقال له أجعلتني لله نداً قل ماشاء الله وحده

هذا ما أتحدث عنه هذا هو الأدب مع الله

ومن الأدب مع الله عدم الحلف بغيره ، فمن حلف بالنبي أو الولي أو رحمة أمه أو أبوه فهذا لايليق بالأدب مع الله

ومن الأدب مع الله صرف كل العبادات من صلاة وصيام وصدقات وغيرها إليه وحده فلا يرائي بعبادته ولا يرائي بقوله أو فعله فإن هذا لا يليق بالأدب مع الله
فالتوحيد وهو إفراد الله بالعبودية هو الأدب مع الله

ومن الأمور المحزنة هي صرف ما لا يجوز إلا لله من دعاء ورجاء وخوف ونذر وحب ... إلي أحد من خلقه ، حتي ولو إلي النبي محمد صلي الله عليه وسلم
إنتبه كلنا يحب النبي محمد صلي لله عليه وسلم ولكن محبة الرسول مع عظمته مستمده من حب المُرسل وهو الله عز وجل فله الحب المطلق

فمن يقول مدد يارسول الله صلي الله عليه وسلم هذا رجل لا يتأدب مع الله عز وجل إذ ماذا يفعل له النبي محمد صلي الله عليه وسلم وقد مات فليقل مدد يالله
ألم يقل الرسول صلي الله عليه وسلم لابن عباس ياغلام إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعت أن ينفعوك بشيئ لم ينفعوك إلا بشئ قد كتبه الله لك

فمبالكم بمن يقول مدد يابدوي أو يادسوقي أو يا فلان أو ياعلان

فما تلاقيه البشرية من عناء وشقاء وبلاء ما هو إلا بسبب وحيد هو ترك الأدب مع الله

الأدب مع الله هو كنز قد فقدناه ومن وجده هنأ وسعد وارتاح في الدنيا والآخرة

" ما زاغ البصر وما طغي " الأدب مع الله

22- حول الكعبة أصنام


22- حول الكعبة أصنام

كان هناك حوالي 360 صنم حول الكعبة بعدد أيام السنة أصنام حول الكعبة
وفي فتح مكة أمر رسول الله صلي الله عليه وسلم بتكسير هذه الأصنام وتطهير البيت منها
ولكن قبل الهجرة وقبل الفتح هل اعتزل رسول الله صلي الله عليه وسلم الكعبة وجلس يصلي في بيته أم كان يصلي بالحرم مع ما فيه من أصنام

الجواب واضح كان يصلي مع وجود الأصنام
ومع وضوح الجواب نجد رسالة هي أيضاً واضحة المطلوب الباطل يُزال فإن لم تستطع علي إزالته فلا تعتزل
الباطل هو المطلوب منه الرحيل ليس رحيلك أنت فرحيلك وتركك للباطل أكبر نصر للباطل وأكبر هزيمة للحق ، وقل لي بالله عليك كيف سيزول الباطل ونحن نعتزل معترك الحياة ونخلي بين الباطل وبين الميدان يسرح فيه ويمرح لا رادع ولا مقاوم
فاعتزال أي معترك من معتركات الحياة وتركها للباطل وأهله هذا من السخف والسذاجة والجهل ، وهذا ما ابُتلي به جزء من أهل الخير تجدهم يعتزلون الحياة السياسية مثلا بدعوي تحقيق التوحيد وكيف يتحقق التوحيد وان تترك الباطل يصول ويجول يُشرع ويحكم يقدم ويأخر
هل تنتظرون أن يأتيكم أهل الباطل يطلبون منكم أن تتفضلوا وتقبلوا مكانهم ويتركوا لكم دنياهم التي يقاتلون عليها قتال من ليس له غيرها

عجيب !!!

قم وقاوم الباطل في كل ميدان وفي كل وادي في السياسة وفي الإعلام في ميادين التعليم وميادين العمل في الشوارع والطرقات قلقله و أقلقه لا تجعله يهنأ ولا يهدأ حتي يأتي نصر الله الذي وعد وتتحطم الأصنام


21- الاستدعاء للمقابلة

21 - الاستدعاء للمقابلة

في السنة العاشرة من البعثة النبوية جاء اللقاء لقاء في السماء ، إسراء ومعراج
رحلة أغرب من أي خيال ، لا يستطيع العقل البشري تخيلها ناهيك عن التطلع لها
نعم طلب سيدنا موسي رؤية الله في الدار الدنيا ، ونعم رُفع المسيح عيسي ابن مريم ولكن لم يصعد أحد إلي سدرة المنتهي ، هناك عند جنة المأوي حيث لم يصل نبي أو ملك أو أي مخلوق ، هناك كان لقاء الحبيب صلي الله عليه وسلم مع الله جل وعلا وتقدست أسمائه

يا الله ما أجملك وأرحمك
أيخرج محمد النبي آخر الرسل وخاتم الأنبياء من مكة إلي بيت المقدس ثم يصعد في السماء يرقي سماء ثم سماء حتي يصل إلي سدرة المنتهي

انتبهوا عباد الله فأنتم أتباع النبي محمد صلي الله عليه وسلم من صعد ليتلقي الأمر بالصلاة فوق من فوق سبع سماوات فلا يغلبنكم أحد علي صلاتكم أو دينكم

انتبهوا عباد الله وأفيقوا فأنتم الخلفاء
انتبهوا عباد الله وأفيقوا فعلينا مهمة ثقيلة تجاه الجنس البشري كله فنحن آخر شعاع نور يصل للأرض من السماء وعلينا أن ننير الكون كله به
ما أسخف تلك العقول التي ترمي كتاب الله وراء ظهرها ثم تذهب تأخذ عن كارل أو سميث أو أو ...
اللهم نشهدك أنا لا نتبع ولا نأخذ إلا كلامك وكلام حبيبك الذي أرسلته لنا صلي الله عليه وسلم ، اللهم أنا نشهدك أنا لا نرضي إلا بما رضيته لنا
" اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا "

اللهم إنا نشهدك أنا رضينا بالأسلام دينا لنا شرعة ومنهاجا حاكما وقيما
الله إنا نشهدك أنا رضينا بالإسلام منهج حياة حتي نلاقيك وأنت راض عنا إن شاء الله

20 -بشائر المناجاة


20 – بشائر المناجاة

لم تتلاشي أصداء تلك المناجاة في هذا الكون حتي دار الحوار مع عداس واكب عداس علي رسول الله صلي الله عليه وسلم يقبل رأسه ، ويديه وقدميه

وانصرف رسول الله صلي الله عليه وسلم عائداً من الطائف بعد أن أيس من خير ثقيف ، حتي إذا كان بنخلة قام من جوف الليل يصلي ، فمر به نفر من الجن وكانوا سبعة وحملوا رسالة الله تعالي إلي قومهم منذرين

حين يُفتح الباب الموصل بين الارض والسماء بمثل تلك المناجاة يأتي المدد والنصر والعون ، حمل الدعوة الجن

19- في الطائف 2


19 – في الطائف 2

عمد صلي الله عليه وسلم بعدما لاقي من أذي السفهاء والعبيد إلي ظل شجرة فجلس تحتها مستظلاً بها فلما اطمأن وسكنت نفسه قال : " اللهم إليك أشكو ضعف قوتي ، وقلة حيلتي ، وهواني علي الناس . يا أرحم الراحمين أنت رب المستضعفين وأنت ربي إلي من تكلني ، إلي بعيد يتجهمني أم إلي عدو ملكته أمري ، إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي ، ولكن عافيتك أوسع لي . أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات ، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تُنزل بي غضبك ، أو يحل علي سخطك ، لك العتبي حتي ترضي ولا حول ولا قوة إلا بك "


تلك هي أجمل اللحظات التي تتصل فيها الأرض بالسماء لحظات المناجاة ، بل أجمل لحظات الدنيا بأسرها وهل هناك أجمل من اتصال الارض بالسماء
خير خلق الله محمد النبي صلي الله عليه وسلم يناجي الله
ما أروع تلك المناجاة ، يناجيه بالأدب الواجب الذي نسيناه أم جهلناه ، إنه الله يفعل مايريد ، لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون ، إنه الله الملك ومع تمام ملكه وقدرته رحيم بل أرحم الراحمين ورب المستضعفين ،
ما أجمل تلك اللحظات التي يتضرع الرسول صلي الله عليه وسلم يتضرع بضعفه وهوانه علي الناس وقلة حيلته يتضرع لأرحم الراحمين ورب المستضعفين
وهو في تلك الحالة أهم ما يسأل عنه هو رضا الله عنه فأن تم الرضا فلا يبالي بأي شيئ

إذا كان هذا هو الحبيب صلي الله عليه وسلم فأين نحن من مثل تلك المناجاة ؟؟

ربي اغفر لنا فلقد نسينا أنفسنا لك العتبي حتي ترضي ولا حول ولا قوة إلا بك

18- في الطائف

18 – في الطائف

ذهب رسول الله صلي الله عليه وسلم بعد فقد عمه أبا طالب الذي كان عضده القوي وحماه المنيع إلي الطائف
والسؤال لماذا ذهب رسول الله صلي الله عليه وسلم إلي الطائف ؟؟؟
وعلي أننا نجد الإجابة علي ذلك السؤال سهلة إلا أننا لا نجد فهم لها في الواقع
فلقد ذهب صلي الله عليه وسلم إلي الطائف يطلب ناصرا من ثقيف ينصره علي قومه ، ويعينه علي إبلاغ دعوته
الفرق واضح بين الرسول صلي الله عليه وسلم الذي يعرف تمام المعرفة حدود دعوته وأنها ستمتد إلي الأفق وتبلغ الآفاق لذا ذهب يبحث عن الناصر والنصير وبين دعاة اليوم الذي يشبهون الدراويش في دعوتهم يكتفون باللقمة والكسرة من نتاج الدعوة فلا يبرحون الأرض حتي يأذن لهم أبوهم أو يكونوا من الهالكين
البحث عن النصير الذهاب إلي الطائف محاولة من محاولاته صلي الله عليه وسلم لبناء دولة الاسلام وهل تبني دولة الاسلام بأفراد مؤمنين دون دولة تحميهم وشوكة تقويهم ؟؟؟

فماذا فعل أهل الطائف ؟؟
أغروا به سفهاءهم وعبيدهم يسبونه ويصيحون به ويقذفونه بالحجارة حتي أدموا عقبه صلي الله عليه وسلم

17 - أنت وحدك


17 – أنت وحدك

مات أبو طالب وماتت خديجة رضي الله عنها ، مات العم الذي كان عضداً قويا لرسول الله صلي الله عليه وسلم وكان حرزا منيعا وماتت خديجة المؤنسة ساعة الوحشة وخلت الساحة للمشركين فأخذوا ينالون من رسول الله صلي الله عليه وسلم مالم يكونوا ينالونه من قبل

إذا كان هذا رسول الله صلي الله عليه وسلم يقف وحده بلا نصير أو ظهير غير مدد الله وعونه له ، وما ذلك إلا ليعلم كل سالك لطريق الرسل أنه وحده فمن أراد الأنس بالناس والاستظهار بالاعوان فليعلم أن هذا ليس درب الرسل ، فعليك أن تدرك أنك وحدك نعم أنت وحدك

16- الحصار


16- الحصار

إجتمع رجالات قريش واتخذوا قرارا بحصار بني هاشم وبني المطلب ، وكتبوا كتابا علي أن لا ينكحوا إليهم ولا ينكحوهم ولا يبيعوهم شيئا ولا يبتاعوا منهم ، وعلقوا الصحيفة في جوف الكعبة ، ولما فعلت قريش هذا الفعل الجائر انحاز بنو هاشم وبنو طالب إلي شعب أبي طالب ، ودخلوا فيه برجالهم ونسائهم وأطفالهم، واستمر الحصار ثلاث سنوات ، عانوا فيها الجوع والحرمان ما لا يخطر ببال ، إنهم من شدة الجوع أكلوا ورق الشجر ، وكان يسمع من بعيد بكاء أطفالهم من الجوع .


ما أشبه اليوم بالبارحة الحصار ، العقوبات الاقتصادية ، الكفر ملة واحدة لها ذاكرة وعقل واحد هو عقل إبليس وذاكرته فكفار اليوم ليسوا كفار البارحة ولكن إبليس واحد يمد هؤلاء وهؤلاء من ذاكرته بحيله وأساليبه في الصد عن سبيل الله ومحاربة أوليائه ، لا يقدر الباطل أن يدخل مع الحق في حوار فكري يقارعه فيه الحجة بالحجة والبرهان بالبرهان ، بل أساليب الباطل معروفة القمع الضرب والسجن والحصار تلك هي أساليبهم وإن تخفوا وراء شعارات خادعة ولكنها لا تنطلي علي أولياء الله

لم يأتنا الإسلام سهل علي طبق من فضة بل أتانا علي أعناق رجال بذلوا في سبيل الله كل غال وثمين ، بذلوا المهج والاموال والاولاد ، هجروا الاوطان وهجروا الرفاة والراحة والدعة ، أولئك سلفك الذي تنحدر منهم فانظر ماذا فعلوا وماذا فعلت أنت

15- أول هجرة


15 – أول هجرة

بعد أن جهر رسول الله صلي الله عليه وسلم بدعوته وكثر عدد المسلمين ازداد حنق المشركين علي المسلمين ، وبسطوا إليهم أيديهم وألسنتهم بالسوء ، ورأي النبي صلي الله عليه وسلم أنه غير قادر علي حمايتهم فأذن لهم في الهجرة إلي الحبشة ، فقال لهم صلي الله عليه وسلم " لو خرجتم إلي أرض الحبشة فإن فيها ملكاً لا يُظلم أحد عنده حتي يجعل الله لكم فرجاً ومخرجاً مما أنتم فيه " فخرجوا من مكة فراراً بدينهم يريدون بلاد النجاشي

الهجرة ما الهجرة

الهجرة هي ترك الاوطان ، ولماذا تُترك الأوطان ؟؟
فرارا بالدين ، إذ الدين مقدم علي الوطن ،

هنا نقف مع القائد الحكيم الرسول الكريم الذي يعرف تمام المعرفة واجباته تجاه رعيته فحين لم يقدر علي حمايتهم أذن لهم في الهجرة ، بل رشح لهم البلد الذي يهاجرون إليه بحيث يأمن عليهم ويأمنوا علي أنفسهم

وأنا أكتب تلك الكلمات لم أملك نفسي إذ شرد ذهني قليلا تذكرت سنوات خلت حين رجع أحد الدعاة من سفر فعمل إنقلاب في المسجد ليسيطر عليه (كان سفر عمل فلم يكن معه نقود ) وحين عاد أوقف الزمن وقال لكل من شعر فيه بأنه ممكن يعينه بألا يسافر ولو سعياً للرزق ولو لسداد ديون كانت علي ذويهم هل كان ينفق عليهم لا ... عليهم الصبر ، هنا الفرق واضح
ومرت سنون طوال منهم من سافر يسعي علي رزقه ويسدد دينه ، ومنهم من جلس بجواره ، وتمر أيام تليها أيام ويقابلني أحد الاشخاص فيحدثني عن أناس جلسوا بالأمس بجوار هذا الزعيم المتزعم يشكون الفاقة ويقولون أنهم غُرر بهم إذ لم يوجههم أحد أن يجتهدوا في أمر المعاش

ليست القضية كثرة الاتباع والاشياع ولو في حال فيها ضيق سواء مادي أو معنوي
بل إن الرسول صلي الله عليه وسلم أول شيئ فعله بعد الهجرة إلي المدينة هي حل المشكلة الاقتصادية لهؤلاء الذين تركوا ديارهم وأموالهم فراراً بدينهم فآخا بين المهاجرين والأنصار

وما لبث أن عاد ذهني من تلك الذكريات المريرة حتي وجدته يهرب مرة أخري في وادي آخر يتذكر حين حكمت طالبان 5 سنوات لأفغانستان حكومة شرعية معترف بها دولياً وعربياً وإسلامياً ، بل لقد وصف دكتور فريد واصل المفتي الاسبق لجمهورية مصر العربية بإنها دولة تقيم الشريعة

في تلك السنوات الخمس لم نسمع من أحد الدعاة أو المشائخ أو العلماء أي دعوة للهجرة ، هجرة لدعم وتدعيم تلك الدولة الناشئة الخارجة من حروب طاحنة وصراعات مريرة تحتاج إلي الأفئدة المخلصة والعقول المفكرة والرغبات الصادقة في نصرة الاسلام ورفعة أمره

ألا يهاجر من يريد البناء ،الطبيب الماهر والمهندس العبقري والعالم في الكيمياء والعالم في الشريعة والمدرس النابه فلا يهاجر إلا من يريد الحرب وطالما حرب الروس إنتهت فلا هجرة
وهذا فهم ضحل وتصرف ساذج ، به من الغفلة ومجافاة السنن ما يجعل المرء يقف حائر كيف تفكر تلك الرؤوس ، ألم يحن أن نفكرأبعد من مواطيئ الأقدام

بل لماذا لم يهاجر أحد تلك الرؤوس نفسه يساعد في بناء تلك الدولة وتقويتها

أتعرفون لم يسافر ولم يهاجر إلا أتباع القاعدة والظواهري ، يتدربون علي الحرب والقتال ، ومتي نتدرب علي البناء والإعمار ، والتقدم ، متي نقوي دولة مسلمة أو ننشأها وفي أي ظرف !!!!!

14- صبراً آل ياسر


14- صبراً آل ياسر


... أما عمار وأمه ووالده ياسر فقد كانوا يخرجونهم إلي الأبطح إذا حميت الرمضاء يعذبونهم بحر الرمضاء ، فمر بهم النبي صلي الله عليه وسلم وهم يعذبون فقال : " صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة " فمات ياسر تحت العذاب رحمه الله رحمة واسعة ، وأما سمية فقد أغلظت القول لأبي جهل عليه لعائن الله فطعنها بحربة في قبلها فماتت شهيدة ، وكانت أول شهيد في الإسلام .

قال الله تعالي : " أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون "

الصبر هو أحد الوسائل التي نحتاج إليها في دعوتنا إلي الله ،
الصبر هو مرحلة من مراحل الدعوة
الصبر هو حالة يلتزمها المسلمون حتي يأتي وعد الله
الصبر هو سلاح الضعفاء والمستضعفين الذين لايستطيعون الدفع وهم مع ضعفهم لم يتراجعوا قيد أنملة عما معهم من الحق وفي هذا أشد نكاية لأعداء الله أن يتحدوهم مع ضعفهم فكيف لو كانوا أقوياء
بل إن سمية رضي الله عنها أغلظت لأبي جهل القول هذا هو سلوك المسلم المعتز بدينه الصابر عما يلاقيه في سبيله

الصبر وليس الخنوع
الصبر وليس التكاسل والتراخي
الصبر وليس الخوف

13- ليس لكل سؤال جواب


13- ليس لكل سؤال جواب

من العجيب في الثلاث أسئلة التي سألها المشركين لرسول الله صلي الله عليه وسلم والتي أخبرهم بها اليهود هو سؤال الروح ، فلم يجبهم الرسول صلي الله عليه وسلم إلا بقوله " قل الروح من أمر ربي ، وما أُوتيتم من العلم إلا قليلا "

فليس علي الداعية أن يجيب عن كل ما يُسأل عنه بل عليه أن يجيب وفق علمه ، إذ الأمر في البداية والنهاية هو استسلام لله في كل الأمر ، فلن نحيط علما بتفاصيل أوامره سبحانه وتعالي وتعليلها

وهذا هو المقتل الذي أُصيب به كثير من الدعاة الذين يرغبون في تيسير الالتزام علي الناس فيتحدثون بغير علم في مسائل كان يجب عليهم عدم الخوض فيها فليس لكل سؤال جواب ، بل الجواب علي ما يحتاج إلي بيانه للعمل به
أتذكرون حين أتي رجل إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم يسأله متي الساعة فلم يخبره بمتي الساعة ولكن قال له وماذا أعددت لها حول سؤاله إلي ما فيه نفع أو عمل ، كذلك قوله تعالي " يسألونك عن الأهلة ، قل هي مواقيت للناس والحج " فلم يكن يسألون عن ذلك إنما أرادوا معرفة السبب الفلكي أو العلمي لمراحل الهلال فصرفهم لما ينبني عليه العمل

فليس لدينا لكل سؤال جواب إنما نجيب عما فيه النفع وينبني عليه العمل

12- إن شاء الله


12- إن شاء الله

ذهب المشركين لليهود ليسألوهم في أمر صاحبهم " النبي محمد صلي الله عليه وسلم" فقالت لهم أحبار اليهود : سلوه عن ثلاث نأمركم بهن فإن أخبركم بهن فهو نبي مرسل ، وإن لم يفعل فالرجل متقول ، فروا فيه رأيكم : سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ما كان أمرهم؟ فإنه كان لهم حديث عجب ، وسلوه عن رجل طواف قد بلغ مشارق الأرض ومغاربها ما كان نبؤه ؟ وسلوه عن الروح ما هي ؟ فإن أخبركم بذلك فاتبعوه فإنه نبي ، وإن لم يفعل فهو متقول فاصنعوا في أمره ما بدا لكم

وسألت قريش النبي صلي الله عليه وسلم فقال : " غداً أخبركم" ولم يستثن وانصرفوا عنه. وحبس الله الوحي عنه لعدم استثنائه قرابة نصف الشهر حتي حزن صلي الله عليه وسلم وفرحت قريش
....
إن شاء الله
ما أجمل ذلك السياق الذي يتعرف فيه الداعية علي أن كل شيئ بمشيئة الله ، فإن أسلم الناس أو لم يسلموا ، تلك هي مشيئة الله ليس عليك إلا البلاغ ثم الله يصنع ما يشاء ، "إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء "
العلم بأن مشيئة الله غالبة علم ضروري لكل داعية ، وفي كل لحظة فلا يغتر مغتر بثمار دعوته ولا ييأس أحد بقلة الاستجابة ، ألم يقل رسول الله صلي الله عليه وسلم :" يأتي النبي ومعه الرهط ويأتي النبي ومعه الرهطان ويأتي النبي وليس معه أحد " فهذا النبي الذي يأتي يوم القيامة وليس معه أحد ولم يؤمن به أحد هل قصر أو أساء أو فشل في دعوته لا والله إنما فعل ما عليه ولكن مشيئة الله غالبة
إذ الفشل وصف حين تتخلف النتائج عن المراد ، ويرجع سبب ذلك إلي تقصير في الأخذ بالاسباب الظاهرة ، ولكن حين تأخذ بالاسباب الظاهرة وتفعل الواجب عليك وهذا الظن بالرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين فلا يصح وصف الفشل مطلقاً بل يقال قدر الله وما شاء فعل

وذلك هو الوصف الملائم لاستجابة البشر لدعوات الرسل أما وصف الرسل في قلة استجابة الناس لدعوتهم بالفشل فهذا ضلال ، ناهيك أن يوصف به خير الخلق حبيب الله سيد ولد آدم ولا فخر ، فهذا هو الضلال المبين

11- وبدأت المفاوضات 2


11- وبدأت المفاوضات 2

المال – الشرف والسؤدد – الملك – المرض

تلك هي مسوغات الدعوة ورغبات الداعية ودوافعة من وجهة نظر الباطل وأهله وحين يرفض أهل الحق هذه المفاوضات ، وحين يزهد الدعاة في هؤلاء الأربع لا يتبقي إلا الموت وهذا ما انتهي به المشركين إذ أذمعوا علي قتل النبي صلي الله عليه وسلم ،وعندها كانت الهجرة



وإني لأتسائل سؤال يملأني بالأسي والحزن ، ما هي مسوغات ورغبات ودوافع الدعاة اليوم ، سؤال لا أنتظر عليه إجابة ، فالإجابة تأتيني من واقع مر ...

الموت أو نجاح الدعوة لا يوجد خيار ثالث هكذا قال الرسول صلي الله عليه وسلم ، حين جاءه عمه في جولة أخري من المفاوضات فقال له" ياعم لو جعلوا الشمس في يميني والقمر في يساري علي أن أترك هذا الأمر ما تركته حتي يظهره الله أو أهلك دونه "
لا وجود لخيار ثالث

أتجاوز 700 عام وأخترق حاجز الزمن لأقف وقفة مع داعية في القرن السابع الهجري كيف كانت حاله ودوافعه في دعوته
أتدرون ماذا كان يقول هذا الداعية منذ 7 قرون في مثل ذلك الموقف
كان يقول " ماذا يفعل أعدائي بي إذا قتلوني فقتلي شهادة ، وإن سجنوني فسجني خلوة ، وإن نفوني فنفيي سياحة ، أنا جنتي في صدري بستاني في صدري أينما ذهبت ذهب معي "
يا الله هذا ملخص رائع بديع لا تري أحداً يغزل علي ذلك المنوال إنه ابن تيمية رحمه الله الذي كان يعرف الحدود والخيارات المتاحة بشأن المفاوضات بين الحق والباطل بين الهدي والضلال

لا أحتاج إلي مزيد بيان لماذا نحن علي تلك الحال ، لأننا لدينا خيارات أخري في المفاوضات